تلك سدرة منتهاى .... عمرى ومضة فيك


Thursday, October 18, 2007



من الذى حصل على الآخر سكورسيزى ام الأوسكار

عندما أخبرنى أحد الأصدقاء بالهاتف وكنت فى الشارع ان" سكورسيزى "على شاشة التلفزيون يتسلم الأوسكار قلت له جملة واحدة "مبروك للأوسكار" وبعد تلك المكالمة القصيرة استدعت ذاكرتى على الفور تاريخ مارتن سكورسيزى الذى هو بالفعل كان يستحق هذه الجائزة منذ ما يزيد على عشرين عاماً
لكن الجوائز احياناً تكون كالرياح تأتى بما لا يشتهى أحد . وقد عبر عن ذلك "مارتن سكورسيزى" نفسه عندما قال فى حواره مع المخرج الأمريكى "سبايك لى" " انا من أبناء الظل " وكان يشير إلى إنه ينتج فناً خارج قواعد مؤسسة إنتاج الأفلام داخل هوليود وهذا يجعله يقبع فى الظل بالنسبة للجوائز او الإشادة بأعماله الفنية . لكن مخرج بهذا الحجم وهذا المنجز المهم فى تاريخ السينما كان لا يمكن تجاهله سواءً دخل إلى القواعد ام خرج عليها . وتاريخ سكورسيزى مع الأوسكار طويل يمتد إلى 27عاماً إذ كانت أفلامه دائماً تٌرشح بجدارة لنيل الجائزة وكثيراً ما حصل أحد أفلامه على جائزة التمثيل او المٌنتير ولكن لا تذهب اليه الجائزة كأحسن إخراج . كما حدث عام 1981 عندما أخرج فيلماً عن المٌلاكم الأمريكى "جاك لاموتا" اسماه الثور الهائج" والذى لعب بطولته "روبرنت دى نيرو" وقد حصل الفيلم على جائزتى أحسن تمثيل وأحسن مونتير ولم يحصل سكورسيزى على أفضل إخراج وتكرر هذا المشهد طوال تلك السنوات حتى ان ترشيحات الأوسكار لأفلام سكورسيزى تصاعدت بشكل مضطرد جداً فمثلاً فى عام 2002 حصل فيلمه الشهير " عصابات نيويورك" على عشرة ترشيحات للأوسكار ثم فى عام 2004 أحد عشر ترشيحاً للأوسكار عن فيلم "الطيار" فى سابقتين غاية فى الغرابة وهو ان تحصل أفلامه على هذا الكم الهائل من الترشيحات ويحصل هو نفسة على خمسة ترشيحات للاوسكار وبرغم ذلك تكون الجوائز بعيدة عنه حتى ان محبى هذا المخرج وبالتأكيد هم غالبية ساحقة صاروا يقولون ان مارتن سكورسيزى أكبر من الأوسكار وان تجاهل الأوسكار لسكورسيزى يُعرض الجائزة لفرض مصداقيتها الفنية.
وعلى اية حال فأن تاريخ السينما ليشهد له انه لفت الأنظار منذ زمن بعيد ولم ترتفع عنه تلك الأنظار إلى ان حصل على اوسكاره الأخير والذى قال فى حفل تسلمه "ارجو ان تتأكدوا من محتوى المظروف" فى إشارة ضاحكة لإبتعاد الأوسكار عنه طوال هذه السنوات لكنه بدماثة وتواضع شديد ين قال "انا منفعل ومتأثر جداً" وكانت ملامحه الصادقة تشى بتأثره الشديد.

تاريخ حافل وجحافل من الجوائز تذهب للأخرين.
فى مهرجان كان السينمائى عام 1973تقدم مارتن سكورسيزى بفيلم مبتكر ومنفذ بدقة شديدة وهو فيلم " شوارع رئيسية " لفت هذا الفيلم الأنظار لما فيه من أسلوب جديد وثورى فى تناوله وكان الفيلم هو الخامس لمخرجه الإيطالى الأمريكى "مارتن سكورسيزى" وعندها شعر السينمائيون ان هناك مخرج كبير يدخل الساحة وسارعوا بمشاهدة الأربعة أفلام التى بسقت "شوارع رئيسية" ليتأكدوا ان لهذا المخرج اسلوب خاص يميزه بين ابناء جيله الذى ضم أسماء كبار مثل "فورد كوبولا" و"سبيلرج" وكان فيلم "سائق التاكسى" عام "1976" علامة فارقة ومبتكرة جداًإستطاع فيها إثبات اسلوبه الخاص فى الإخراج وأضاف أداء "روبرت دينيرو" لهذا الفيلم روعة لها مذاق فريد. وقد فاز هذا الفيلم بجائزة السعفة الذهبية فى مهرجان كان لنفس العام. ولم يشأ "سكورسيزى" لعقد السبعينات ان ينتهى حتى يطبع بصمته ويجد له موضع فى عالم المؤسسين . فأخرج فيلم "نيويورك نيويورك" عام 1973"والفالز الأخير" عام 1978.
واستهل " سكورسيزى" عقد الثمانينات بفيلم "الثور الهائج" الذى حصل عنه الممثل "روبرت دينييرو" على أوسكار أفضل تمثيل وقد وُ صف هذا الفيلم الذى صُور بالأبيض والأسود بأنه أعظم فيلم اُنتج فى عقد الثمانينات وذلك فى إستقراء أعدته مجلة" المشهد والصوت" التى تصدر فى بريطانيا . وبالتعاون مع "روبرت دينيرو" مرة اخرى أخرج عام 1983 فيلم "ملك الكوميديا" الذى اشاد به النقاد وتبعه بفيلمين فى غاية الروعة وجمال الصورة السينمائية هما " بعد إنقضاء الساعات " و "لون المال" وكالعادة آبى "سكورسيزى" على الثمانينات ان تمضى دون فيلم من العيار الثقيل وكان ذلك عام 1988من خلال فيلم "الإغواء الأخير للمسيح" وبغض النظر عن الضجة الواسعة التى اُثيرت حول هذا الفيلم والمطالبة الشرسة بخروجه من كل المهرجانات وتحريمه من قِبل الكنيسة الكاثوليكية رغم ان الرواية المأخوذ عنها الفيلم صدرت قبل تاريخ إنتاج الفيلم بخمسة وثلاثين عاماً دون ان تحدث ضجة شبيهة .
تبدت فى هذا الفيلم روعة الكادر السينمائى عند " سكورسيزى" وإجادته للعب بعمق الصورة والإضاءة الغير مباشرة والناعمة كأدوات توصيل مبهرة بصرياً ووجدانياً فى آن .
يفتتح ايضاً "مارتن سكورسيزى" عقد التسعينات بفيلم العصابات الشهير " أولاد جيدون" لتتبدى مقدرته العالية على صنع العنف الجميل فمن خلال كادر سينمائى _ منمنم بعناية يطل علينا عنف الشخصيات ومن خلال جو العصابات الدامى يقدم لنا نسق خاص من العلاقات الشخصية التى لا تملك فى النهاية مع اعترافك بدمويتها إلا ان تصفها بالجميلة او با جيدة كما وصفها هو ذاته وفى التسعينات ايضاً كان هناك فيلمان فارقان تبدى فيهما الميل الشديد للإجادة والإهتمام بالتفاصيل وعمق الصورة وعمل عدة مستويات من الخلفية التى تظهرخلف الاحداث لتقبع تلك التفاصيل فى الذاكرة حتى ما إذا تم إستخدام أحد هذه العناصر فيما بعد فى مشهد رئيسى يُشعر المشاهد بمدى تناسق ذلك دون ان يدرى على وجه التحديد مصدر هذا الإتقان.
قدم واحد اً مميزاً فى العام 1995 وهو فيلم " كازينو" والآخر " إظهار الموتى" عام 1999. وكما عودنا هذا المخرج يفتتح العقد بأفلام العيار الثقيل فها هو عام 2002 يستقبل الألفية الجديد بفيلم " عصابات نيو يورك" ليُقدم تحفة جديدة لتاريخ السينما ذلك الفيلم الذى بلغ من الإتقان قول أحد الأصدقاء ان كل كادرفى هذا الفيلم يصلح تابلوه لما فيه من توازن واعى للحجوم والألوان . ويقدم هذا الفيلم شخصيات فوق طبيعية مثل شخصية الجزار التى جسدها " دانيال دى لويس " تلك الشخصية الجبارة التى تمزج بين العنف والدموية الشديدين والضعف الإنسانى والحنو الشديدين ايضاً فى مزيج فريد , هذا فى مقابل "رونالد د يكابريو" العائد للإنتقام من قاتل أبيه هذا لنرى صراعاً ملحمياً وكأنه أحد صراعات الأوديسة العظيمة هذا على خلفية سياسية صادمة عن تاريخ نيويورك الدموى والعنصرى وقدم "مارتى" كما هو مشهور بين أصدقاءه فى فيلم آخر وهو "الطيار" فى عام 2004عن قصة حياة الملياردير الأمريكى"هواردهيوز"وجاء ذلك الفيلم مميزاًبين ارتال من أفلام السير الذاتية التى أصبحت "موضة" فى تلك الأونة فقد ظهرت العديد من الأفلام التى تتحدث عن كبار نجوم الغناء والسينما والسياسة والفن والحرب . لكن "سكورسيزى" حمل هذه السيرة "لهيوز" بهممومه هو وأفكاره ومعتقداته وتسائلاته التى تؤرقه, فجاء الفيلم دسماً معبأ بالقضايا وفاز الفيلم فى بريطانيا بجائزة "بافتا" وحصل كذلك ترشيحاً للأوسكار حصل منها على خمس جوائز وتوج "سكورسيزى" هذا المشوار بفيلمه الأخير " الراحلون" والذى فاز به بالتمثال الذهبى الذى طالما عانده.

"الراحلون" فيلم الأوسكار:
بعد عرض فيلم "الطيار" الفيلم السابق لهذا الفيلم أعلن "مارتن سكورسيزى" ان فيلمه القادم سيكون إعادة إنتاج لفيلم "شئون صغيرة" الذى لاقى نجاحاً باهراً عند قدومه من هونج كونج وهكذا استند فيلم الراحلون على الفكرة وعاد بمخرجنا لجو العصابات المحبب إلى قلبه والذى أجاد تصويره فى العديد من أفلامه . لكن ذلك المفتون بنيويورك وشوارعها حديثاً وقديماً نقلنا هذه المرة إلى "بوسطن" ليحكى لنا حكاية شرطى يتسلل داخل عصابة ويعلو شأنه داخلها ولص يتسلل إلى صفوف البوليس ويصبح مسؤلاً عن كشف الجواسيس داخل جهازالشرطة ويدور الجميع فى فلك زعيم العصابة المخيف الذى لا يرحم أى خائن ومن خلال هذا الإختراق المزدوج
نرى مباراة فى الأداء بين "ليوناردو ديكابريو" الشرطى المتسلل للعصابة و"مات ديمون"
اللص / الشرطى وتسير الشخصيات الى حتفها فى سباق محموم للكشف عن الهويات الحقيقية والمخيفة .
يستشعر الطرفان "العصابة والشرطة" ان هناك إختراق جاسوسى داخل كل منهما مما يصاعد من التوتر فى الأحداث غير ان فى قلب كل الصراعات يقبع "فرانك كاستيلو" رئيس العصابة والذى يؤدى دوره الممثل الكبير "جاك نيكلسون" ذو الأداء الفريد لشخصية معقدة تود لو تطلق عليها مُسمى مثل "الزعيم القاتل الفاتن" بمثل تعقيد ذلك المسمى يقدم لنا "نيكلسون"شخصية "فرانك كاستيلو".
قدم "سكورسيزى" سرداً سينمائياً فريداً كعادته موغلاً فى عمق وجمال الصورة السينمائية هذا مع تناسقها المعهود وحركة كاميراته بإيقاع الفيلم اللاهث لتلتقط عنايته بالتفاصيل الدقيقة وتوتر الشخصيات وازماتها الضا رية وصراعاتها الدامية فى توليفة مختومة بختم مخرج مخضرم يعرف تماماً كيف يقدم العنف بشكل يورطك فى التعاطف معه من فرط تقديم جمال بصرى مميز .
ما بعد الأوسكار:
أعلن سكورسيزى كعادته عن مشروع فيلمه القادم وهو بعنوان "صعود روزفلت" الذى تتناول قصته الرئيس الأمريكى"روزفلت" والمأخوذ عن كتاب للكاتب "إدموند موريس" بعنوان "صعود ثيودور روزفلت" وأعد له السيناريو السيناريست "نيكولاس ماير" ويتناول الفيلم السنوات الأولى فى حياة الرئيس السادس والعشرين للولايات المتحدة وكيف تنامى وعيه السياسى منذ كان فتى مدلل فى أول حياته إلى سياسى مرموق فى نيويورك حتى تقلد مناصباً
عسكرية هامة فى الحرب التى دارت بين الولايات المتحدة و أسبانيا فى القرن التاسع عشر.
بقلم : محمد رفيع مجلة الهلال من شهرين فاتوا

2 comments:

soha zaky said...

عبقرى يا محمد بجد ، اشكرك

محمد رفيع said...

يا سيتى ربنا يخليك دة بس من زوقك وجمالك ورقتك ونهتك