تلك سدرة منتهاى .... عمرى ومضة فيك


Saturday, December 8, 2007

ابن بحر



1)
انا الذى هتكت بكارة امي برأسى المدبب ، صرخت لما اكتشفت ان قابلتي سماء واسعة ومهدي صخر ، التقيت
بدمع والدتي غزيرا غزيرا يساقط على الرمل . الحبل السري يأن عندما قطعته بحافة سكينية من صدف .
هواء حارق تسلل داخل رئتى ، واليود - فعل أبى – منثورا حولنا . رفعت امى صخرة الى أعلى ، ظننتها تحجب عني ضوء الشمس ، حدقت فى عينى مليا ، كنت عبد الله الذى لم يتكلم ..... بل ابتسم ، فانهارت وضمتنى.
عرفت انها .. أجلت قتلى.
جاء العصر الثقيل ، وفي صحن الدار ثمة عائلة تختار جريمتها بعناية . مربوطة امي الى جزع نخلة تهتز مع السياط ، فلا يساقط منها شيا .
قالت : " ابن بحر "
لطمها جدي وقال : " بل عشقت الفتى "
قالت والحروف باكية فى فمها : " ابوه بحر "
تمتم جدي :" فهو اولى "
أخذني جدي ملفوفا ، لم ينظر الي ، هربت نظراته منه ومني ، سار بخطى واسعة الى الشط و أنفاسه تحرق وجه الشمس . كان يستأذن الله ان يقتل ، وعندما ظن ان الله أجابه فى الغروب ، رماني ، وفر كالصبيان . ضحكت من الذى ردني الى ابى وظن انه يقتلنى . تابعته بعيناي الوليدتين فلما اختفي وضعت اصبعى في فمي ، لكن حليبا
لم ينساب .... فتعجبت ، وفي صحن الدار كان حبيبها يصدق كلامها
يقول : " آمنت بالبحر الذى وهب الغلام "
لحس النار مرات ومزقوا له جلده كي يكذبها .. وما فعل ، ولما لم يجدوا له خطيئة ، ابعدوه عن الديار ، فصامت امى عن كل شئ.
2)
قال لى الرجل لما رآنى اهم بالرحيل : " اترحل عنا يا رب ؟ "
قلت : " ما انا بربك "
قال : " وجدناك تخرج من فم الحوت المقدس الذي رماك على شطنا فسجدنا خاشعين "
قلت : " أكنت آكل الطعام ؟ "
قال : " بلى "
قلت : " فأنا بشر مثلك "
صمت قليلا ثم قال : " وهب انك بشر و نزلت على قوم عبدوك ونعموك فعشت مكرما "
قلت : " بل انت الذي جعلتهم يفعلون ، أنت كاهنهم و بك يأتمرون "
تفرس فى وجهى واستطرد : " ما الذي ينقصك يارب لترحل عمن عبدوك سنينا ؟ "
قلت : " أمي "
قال : " أأمر .. نأتيك بها "
قلت : " هي لا تجئ بل يذهب لها "
قال : " أتستقيل يا رب ؟"
فأشحت عنه وعن قومه الجاهلين . ركبت الطوف الذي صنعته لنفسى .
ومن خلفى سمعته يسخر : " هلا ناديت الحوت ؟ " و كان أناس كثيرون حوله قال لهم لما ابتعدت اني أمشى على الماء فخروا فوق اليابسة.
قال لي البحر : " مرحى مرحى ... بنى الذي هو مني"
ولما قص علي وعلمني الاسرار كلها
قال : " اذهب لتخلص امك ولك منى برهان اذا اشتدوا عليك " .
فلما ذهبت للقرية التي تدعى " غا رب " وانا ابن عشر سنين ، كانت امي يابسة كنخلتها فلما قبلت قدميها ثلاثة ايام وليلة ، خرجت الي الشعاب ، ظللت عامين ابحث لها عن محبوبها ، سألت الطير والنمل وابن أوى وما دلني عليه أحد . و لما لاقيته اذ لاقيته في حضن الجبل ، كان مريضا نحيلا .
جلست اليه في ظل صبار وخروع
قلت : " ما بك "
قال : " شوق "
قلت : " أمرت ان أحملك الى اهلك "
قال : " طردونى لما صدقت فتاتي "
قلت : " هكذا قال البحر "
غمست جسده فى الموضع الذي رمانى جدى فيه .... وما رمى ، فخرج من الماء صحيحا .... وركب الحصان .
جدلت شعر امي بيدي ، عطرت جسدها بالزعفران و غسلت قدميها بالورد . كان فتاها واقفا تحت النجوم مباشرة ، وجدى والناس باهتون .
قلت للفتى : " أمازلت تصدقها ؟ "
قال : " بلى يا ابن بحر "
قلت : خذها فمهرها تصديقها "
رفعها اليه و سواها على ظهر مهرة وذهب.
هجم على الناس وهموا بدق عنقي
قالوا : " من انت ؟ "
قلت : " ابن بحر "
قالوا : " كذبت "
قلت : " وهتكت بكارة والدتى برأسى "
قالوا : " صبأت "
قلت : " و زوجتها من تحب "
فرفعوا الرماح ، قال جدي : " هات برهانك . نصدق أن اباك بحر "
ضربت بطن الارض بعصا كانت لى ، فتفتحت حفرة عظيمة
تمتمت فى سرى : " يا خالق هذا الكون وخالقى ، اعني على القوم الظالمين "
ولما أشرت الى الحفرة باصبعي – هذا الذي لم يسقني حليبه – انساب موج من يدى ، الحفرة امتلأت من ماء ابى الذي هو في جسدى
قالوا : " ساحر " ، وكادوا يقتلون
لولا انى جريت صوب البحر ...... لكنى لم امش على الماء ولا وهبتنى الاسماك نفسها .