تلك سدرة منتهاى .... عمرى ومضة فيك


Saturday, July 11, 2009

قصة من أبهة الماء







كيمياء القتل
1
السيد رئيس المباحث
تحية طيبة وبعد ،
أنا المجهول الذى قيدت القضية ضده ، تلك القضية التى قمتَ سيادتكم بالتحقيق فيها ، والتى حملتك فى النهاية للإعتراف بالجهل، ذلك الإعتراف الذى أشكرك عليه ، وبهذه المناسبة أعذيك على فشلك فى الوصول لي ، هذا الفشل فى فهم الانسان ، ولأن سيادتكم تبحثون عن دوافع تعرفونها ، دوافع عادية وغبية ، دون أن تفكروا ببساطة ان تعقيدات العصر جعلت دوافع ذلك المسكين : إنسان العصر أكثر تعقيداً ، ولا يمكن فهمها بمنطق قابيل وهابيل ، الذى وإن سمحت لى سعة صدرك ، مازال هو المنطق المفهوم لديكم .
قتلتُها ، وعرفت ان تجربة القتل الاولى مثل القبلة الاولى لا تنسى ، مثل أول يوم فى الجيش يفرق بين حياتين . عرفت أكثر أن القتل ليس سئ تماماً ، بل على العكس هو تطهر وسمو .
تتحد روحك مع روح الإله ، تصير يده التى تبطش ، تلمس بيدك الروح التى وضعها هو ، تراها تخرج مزعورة عائدة إليه . كان لا يمكن أن تدرك حقيقتها إلا وانت تخرجها بيدك ، وتشعر بها .. طاقة ناعمة ، كهرباء برية ، تصعد كالبخار وتتناثر فى الهواء . ساعتها فقط تقيم حوارك الاخير مع ضحيتك والرب ، وإذا اتمت الروح رحيلها تغيب الضحية ، وتقعد وحدك مع الإله تنظر فى عينيه بإعجاب. يهتز جسدك من فوران الروح فيه ، لا تعرف ما الذى دهى روحك، ربما ترقص داخل صندوق جسدك لأن روح أخرى- أخت لها - تحررت تواً ، أو انها تبكى على فراق حبيسين سكنا بعضهما ، هناك على حافة الحياة : جسد وروح
يهتز جسدك كبركان يستعد للهجوم ، ترتعش رعشتك كتلك التى فى اللذة، ثم يهدأ الجسد ويتركك لشعور ملتبس ، بين إيمان طاغ ودنس أبدي.
مقدمه لسيادتكم : مجهول بقدر جهلكم بحقيقة الانسان.
ملحوظة : مرفق مع الخطاب خاتم زواج و صفحة قطعتها لاجلك من مفكرتى، لا لتدلك عليّ ، وانما لتدلك عليك.

2 صفحة المفكرة.
قتلتُها لأنها خانت زوجها معي ، ولأنى رأيتها فى صباحها الاخير تقبل زوجها ، وهى تودعه فى وداعة إلى مخدعى ، قبلته فى فمه لتتأكد بنفسها من غفلته ، وسارت بخطى واثقة ، دنسة فى حقيقتها، كخطى المخادع الذى فاز لنفسه بخطيئة، فحير الله الذى صنعه والشيطان الذى سكنه من فرط جرأته .
سارت بضع خطوات نحوى ، والزوج هناك يغلق الباب ويستقبل حياته الجديدة ، رأيت وجهه لأول مرة ، وإنتصر شيطان داخلي لأنه وسيم قوى البنية ، ولأنها إختارتنى لأمحو آثار شفاهه عن جسدها . جلست جانبى فى مقعد السيارة ، وفرح خفيف يملأ روحها. كانت جاهزة تماماً للإقتحام ، متفتحة كزهرة تنتظر أقدم النحل تعبث بمكنونها . جميلة ملامحها و وديعة ، ثرثرت قليلاً ، قالت أشياء تافهة . كأنها لا ترتدى ملابسها الداخلية ، وانها قبلت زوجها ليكون جسدها مستعداً لي ، وكأن زوجها يطلق شرارة البدء. أما أنا فكنت انقّل نظرى بين مشهد الزوج فى خيالى ، وهو يغلق الباب خلفنا ، وبين تردد الانفاس فى صدرها . فى تلك اللحظة بالضبط إعترتنى شهوة أخرى غير شهوة الجنس، شهوة غامضة وعنيفة. لم يكن ضميري مستيقظاً ولا كنت أتعاطف مع الزوج ، كنت فقط اصغي بكل حواسى إلى تلك الشهوة الجديدة ، وتتبادل روحى الاحساس بها وبين فرح الانتهاك .
عندما وقفنا على باب شقتي باحثين عن المفتاح فى عتمة السلم ، قبلتها دون سبب ، تذوقت هذا الطعم الغريب فى قبلتها ، أتراه كان طعم شفاه زوجها ؟ فى لحظة أن داخلنى هذاالخاطر استعرت داخلى احاسيس غريبة لم افهمها فى حينها.
دلفنا إلى الشقة ، فألقت بنفسها على الاريكة ، واستراحت واطمأنت ، وأسرعت أنا إلى الحمام دون سبب ، دفعت الباب وحملقت إلى الداخل ، ما الذى كنت أتوقعه فى هذه اللحظة ؟ أن أجد أحداً ، أم شعوراً جديداً ، لم يكن هناك غير البانيو الابيض هادئاً ، مغطى بذلك الباب الزجاجي المزركش الذى صنعته خصيصاً لكي لا يقع فى الماء شئ يعكر صفوينا ، ولكى ينتظرني الماء ساخناً . صنعته منذ خمسة عشر عاما من زجاج سميك ، كلفني كل ما لدي فى هذه الايام ، ضحكت كثيرا على غبائي وعلى غرابة الفكرة، لكني لم اتنازل عنها، حتى وأنا احاول تحطيمه عندما عض الجوع أحشائي.
خرجتُ من الحمام ، و استسلمتًُ لها ، وهى تأكلني على مهل ، حدقت فيها وهى تبتلعنى فى حرفية و شفاهها تمتص مسامات جلدى ، فتستعر داخلها رغبةً ، وتستعر داخلى رغبتين .
لم يكن فى جنسنا شئ مميز أحكيه ، غير انه كان مميزاً ككل المرات السابقة . وبعد ان فرغنا وهدئت أنفاسنا ، حملتها بحنو إلى الحمام ، رفعت غطاء البانيو برفق ، و وضعتها فى الماء الدافئ ،أخذتُ أدعك جسدها بالصابون المعطر برائحة الزعفران ، أشعلت لها شمعة تفوح منها عطور هندية ، غسلت قدميها وخصرها وهى تخلع خواتمها ، ورددتُ على نظرات إعجابها بإبتسام وحنو، وعندما صار جسدها ناصعاً كالكتان الابيض، وجدتها تغمض العينين فى سلام ونشوة ، فأغلقتُ عليها الباب الزجاجي بإحكام ، وظللت أراقبها من خلف الزجاج تموت ،هناك فى الطرف الاخر من العالم ، وأنا أشاور لها من خلف الزجاج واودعها كمسافرة ، وهى تحاول العودة إلى عالمي ، وعندما شعرت انها تذهب تماما ، قبلتها من خلف الزجاج ، لم تكن فى هذه القبلة طعم زوجها ولا طعمها ، ولكنه كان طعم القتل الاول.

3 comments:

♥فضيلة♥ said...

كتير عجبتنى مدونتك وللاسف اكتشفتها بالصدفة رغم جمالهااا العميق جداااااااا
اتمنى ان يصلك اعجابى بالمدونة
تحياتى لحضرتك

حسن ارابيسك said...

رائعة وسلمت قريحتك

Unknown said...

رائعة البلاغة في وصف الروح وانسيابها وفي وصف الجسد ورغباته وفي توق الانسان الى تحقيق عدالة الله بنفسه على الاخر وربما على نفسه ايضا ..
استمتعت بما قرأت واطلقت بي العنان الى بحور تفاحتي الأخيرة .. وتجربة جزار سربرنتشا بلعب دور ملاك الموت .. رغم الاعياء الذي يضرب الكاتب لتقمص شخصية كهذه .. خاصة وان كان هذا الكاتب انسان راقي مثلك يا استاذ محمد